أصبحت الأصولية محطَّ جدل واهتمام منذ قيام الثورة الإسلامية في (إيران) عام 1979 م ثم أحداث العنف والإرهاب التي بدأ يشهدها العالم وعلى رأسها أحداث تفجير الحادي عشر من سبتمبر في (الولايات المتحدة)، وهو ما جعل تأثيرها هذه الأيام على كلٍّ من الواقع السياسي والاجتماعي يصعب تجاهله.
يطلق مصطلح الأصولية على الجماعات الدينية التي تعتبر نصوصها المقدسة هي الأصل الوحيد الذي يجب أن تعتمد عليه في حياتها وسلوكياتها دون اللجوء إلى تفاسير أو تأويلات لهذا النص، كما أنها ترفض كافة محاولات وضعه في السياق الزمني الذي تعيش فيه ليصبح حينها ملائمًا ومنطقيًا، وينتج عن ذلك الفهم الحرفي للنصوص المقدسة الكثير من السلوكيات والتصرفات المتطرفة التي يعتقد الأصوليون أنهم بتطبيقها يقومون بتطبيق الدين الصحيح.
يشير العديد من الباحثين من بينهم المؤرخ الأمريكي (ريتشارد ميشيل) أن مصطلح الأصولية هو في الأساس مصطلح غربي ومفهومٌ نشأ من المسيحية الغربية؛ لذا فلا يجوز استخدامه وتطبيقه على المجتمع العربي والإسلامي، لكن الواقع التاريخي والسياسي الحالي يحمل كثير من الدلالات التي تدل على وجود الأصولية داخل المجتمع العربي والإسلامي؛ لذا فإنه مصطلح يمكن تطبيقه على مختلف الحركات الدينية، طالما أنها تسعى للتأثير على المجتمع وسلوكياته وفقًا للتطبيق الحرفي لأصولها التي ترتكز عليها.
ظهرت الأصولية اليهودية منذ أكثر من قرن ونصف، والأصول التي تعتمد عليها هي التلمود البابلي وبقية الكتابات التلمودية الأخرى، وأهم أنواع الأصولية اليهودية وأكثرها خطورة هي تلك التي تؤمن بضرورة قيام الدولة اليهودية كي يظهر المسيح أو المخلص اليهودي، وهو ما يفتح قضايا سياسية شائكة تتعلق بالتواجد اليهودي في (فلسطين)، وتؤثر الأصولية اليهودية تأثيرًا كبيرًا على الحياة الاجتماعية في (إسرائيل) حيث يواجه الأصوليين اليهود كافة مظاهر الديمقراطية والعلمانية التي تُمارس داخلها بكثير من العداء، ويسعون بجهد كبير للقضاء على ذلك من خلال التأثير على قوانين الأحوال الشخصية كالزواج والدفن والإجهاض وإخضاعها وفقًا للديانة اليهودية والتأثير كذلك في القوانين المتعلقة بالخدمة العسكرية ونوعية التعليم.
وعلى الرغم من أن المتدينين الأصوليين من يهود (إسرائيل) لا يشكلون سوى 20% من السكان فمن المتوقع زيادة تلك النسبة بمرور الوقت؛ حيث تأتي أكبر نسبة للإنجاب في (إسرائيل) بين المجتمع الحريدي الناتج عن حزب (الحريديم) الأصولي، حيث يشجعون الزواج المبكر وزيادة النسل لأسباب دينية وثقافية واجتماعية، بالإضافة إلى زيادة معدل إنجاب النساء اليهوديات في الوسط الديني الأصولي مقارنة بباقي النساء اليهوديات، ويستمر ذلك المعدل في الازدياد حيث ارتفع عدد الأولاد للمرأة الأصولية من 5.9 في المتوسط إلى 6.9 عام 1993 م، ثم زاد مرة أخرى إلى 7.6 عام 1996 م.
في الوقت نفسه فقد هبط معدل الولادة لدى النساء غير الأصوليات من 2.6 إلى 2.3، أي أن المرأة الأصولية ستلد في المتوسط أكثر من ثلاثة أضعاف المرأة غير الأصولية، ولا تمثل تلك النتائج وحدها ذلك التزايد في التيار الأصولي في المجتمع اليهودي بل هناك بعض النتائج الأخرى التي تشير إلى أن المجتمع الأصولي قد ضاعف نفسه من 140 ألف عام 1979 م إلى أن وصل 290 ألف عام 1995 م، ومن المتوقع أن يصل عدد الأصوليون في (إسرائيل) عام 2025 م إلى مليون نسمة.
وسنجد الأمر نفسه في مجال التعليم؛ حيث ينخفض عدد الطلاب الذين يتعلمون في المدارس الرسمية بصورة هائلة مقارنة بأولئك الذين يتعلمون في المدارس الدينية ويتلقون التعاليم الأصولية، فقد انخفضت نسب التعليم في المدارس الرسمية من 74.2% عام 1980 م إلى 66.1% عام 1997 م إلى 61.7% عام 1996 م. وفي الوقت نفسه، كانت تتضاعف نسب معدلات التعليم الأصولي ، كما ارتفعت الميزانية المخصصة للمدارس الدينية بنسبة هائلة؛ حيث وصلت الزيادة إلى 71% خلال ستة أعوام فارتفعت من 1.7 مليار شيكل عام 1991 م إلى 5.25 مليار شيكل عام 1997 م، وأصبحت القوة الأصولية الدينية منذ ذلك الحين تمتلك النفوذ العددي والمؤسسي في كافة مجالات السياسية والتعليم والخدمات الاجتماعية.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان